* كما تزداد خطورة التدخين إذا بدأ المدخن ذلك في سن مبكرة:
إذ أن أنسجة الجسد في السن المبكرة تكون أكثر قابلية للهدم السريع وللإصابة السريعة، إذ أن أجهزة المناعة في الجسم الصغير تكون غير مكتملة النضج، وبالتالي القدرة على مواجهة غزو سموم التدخين للدم.
ومن الإحصائيات الطريفة أن السيجارة الواحدة تقلل من حياة الإنسان 6 دقائق بما تقوم به من تدمير لخلايا الرئة. وهذا ما يتحدث عنه الكتاب المقدس بقوله: "لا تكن شريراً كثيراً ولا تكن جاهلاً. لماذا تموت في غير وقتك؟!" (سفر الجامعة 17:7). فهذا إنتحار إرادي لا يرغم عليه أحد إلا العادة البطالة!
وهذا القتل البطيء للجسد يتعارض مع الوصية الصريحة "لا تقتل" (الخروج 13:20). والقاتل مثل المنتحر، كليهما تمرداً على الله خالق الحياة ومانحها، وليس سلطان أحدهما أن يقتل نفسه أو يقتل آخرين.هذا المقال من موقع كنيسه الانبا تكلا
هذا عن القتل: قتل الحرية وقتل الجسد.. يتبقى بعد ذلك ضياع الأموال التي تُنفَق على هذه اللذة الفاسدة، والتي وإن كانت متوفرة لدى المدخن، فالأجدر أن توجه فائض أمواله إلى بطون الأرامل والأيتام والجياع الذين يتزايد أعدادهم سنوياً. هذا هو موضوع العنصر التالي في هذا الحديث...
* التدخين فاقد إقتصادي إرادي:
أولاً: في المال:
فعلى المستوى الفردي: يستقطع المدخن من عرقه وقوت أولاده، ورزق رزقه الله به ليعمل الخير.. فإذ به يبدده بالحريق بواسطة النار، ثم يتلف بواسطته جسده وأجساد غيره، ثم ينفق بعد ذلك على أدوية لعلاج الأمراض الناشئة عن التدخين..!! أليس هذا يشكل إفتراءً على نعمة الله وتبديد لثروة صحية ومالية؟!
من أكثر من عشرون عاماً (عام 1982) قيل أن متوسط الإنفاق الشهري على التدخين في مصر يبلغ 78 جنيهاً في المدن و61 في الريف والبنادر!! قارن هذا مع متوسط الدحل الشهري للفرد في ذلك الوقت لتعرف مدى الجريمة التي يقدم عليها المدخن في حق نفسه أولاً.. لك أن تقوم بعملية بسيطة لتعرف ماذا وصلنا إليه عام 2006!!
وعلى المستوى الأسري: فإن حوالي 7% من دخل الأسرة المصرية يُستنفَذ في إستهلاك التبغ. ويذكر الأب يوسف أسعد أحد المواقف الذي حدث معه عدما شاهد طفلة تجري في الشوارع في منتصف أحد الليالي الشتوية الممطرة، فأخبرته أنه والدها أمرها بأن تنزل تشتري له سجائر، فذهبت مطيعة حتى لا يستشيط والدها غضباً، ويصب جام عصبيته عليها وعلى أمها! أنظر يا أخي ما يمثله ذلك من فاقد في الأبوة بالإضافة إلى فاقد مالي تحتاجه الأسرة أشد إحتياج.
ومن الإحصائيات التي تمت سنة 1986 أن كمية التبغ التي تستهلك في مصر كانت 51 ألف طن كل عام!! وهي تعني 51 بليون سيجارة!!!
هذه المبالغ هي في الواقع تحترق في النار بأيدينا تحت بند الكيف والمزاج والعادة البطالين!! إن وجود جيل غير مدخن سيوفر للدولة ملايين الدولارات التي تُنفَق على إستيراد التبغ الضار جداً والمدر فعلاًَ لصحة الملايين كباراً وصغاراً.
ثانياً: في الوقت:
ويقول الأستاذ مصطفى أمين: "منذ أن إمتنعت عن التدخين اكتشفت أن ساعات اليوم زادت وأصبحت 26 ساعة!! فقد كنت أضيع ساعتين يومياً من عمري في إشعال السجائر التي كنت أدخنها". ويقول الاستاذ علي منصور المحامي: "كان عدد السجائر التي أدخنها في اليوم يتجاوز 160 سيجارة. فإذا إفترضنا أن كل سيجارة تستغرق خمس دقائق فقط، كان معنى ذلك أن من بين 1440 دقيقة في الـ24 ساعة كنت امضي 750 دقيقة منها مع السجائر!". وقد قيل أن الوقت من ذهب إذا لم تقتطعه قطعك! والإنسان المسيحي يسعى نحو الأمانة في كل دقيقة من دقائق عمره كمن سيعطي حساباً أمام الله عن كل ثانية استخدمها استخداماً خاطئاً ضاراً بنفسه وبالآخرين.
ثالثاً: في الإنتاج:
لقد أثبتت الدراسات أن إنتاج غير المدخنين في العمل يزيد 40% عن أقرانهم من المدخنين. إن عبارة ممنوع التدخين ينبغي أن تتحول إلى محظور التدخين تماماً، وفي كل مكان لابد أن تختفي طفاية السجاير من على المناضد!!
لكن.. لماذا يدخنون؟!
1- إنهم يدخنون في الحداثة لمجرد تقليد الكبار، أو لإيهام أنفسهم بأنهم صاروا كبار.. هؤلاء شباب سوي يقع إما فريسة أصدقاء سوء، أو ينزلق بحسن نية تحت بند التهريج، أو لمحاولة الإستكشاف، أو العمل في وقت الصيف بمخالطة العمل المدخنين..
هؤلاء يسهل إقلاعهم عن التدخين، وتوبتهم عما أخطأوا فيه في حق الله وأنفسهم والناس، يحتاجون إلى اقتناع بأخطار التدخين وبشاعة ما يسببه سمومه في الإنتحار الطبيء لنفسه وإيذاء من حوله. كما يحتاجون إلى قبول التحدي مهما كانت النتائج المترتبة على الإقلاع بعزم وإرادة حرة غير مستعبدة وبمعونة الله في الصلاة يتجاوز كل ما يعترضه ليحقق نجاته وتوبته..
قد يساعدهم أن يغيروا عاداتهم، ويعلنوا عن إقلاعهم، ويحاولون كل يوم معاونة آخرين على الإقلاع.. ويحسن أن ينضموا إلى العمل الكنسي أيّاً كان نوعه ليقدمون من خلاله محبة وتعب لأجل الآخرين، فيجدون البيئة الإجتماعية الصالحة والمساعدة.
2- إنهم يدخنون محاولة لتقليل التوتر تحت وهم أن السجائر تريح وتهدئ في لحظات الغضب والإكتئاب والخوف والخجل والضجر أو عند التعرض للضغوط.. هؤلاء يعانون من الإعتماد الدائم على الغير والهروب من مواجهة الواقع والأحداث. يتطلعون إلى تصرفات تشد إليهم الأنظار العطوفة أو المعجبة.. وظروفهم الإجتماعية تعامي من فشل أسري أو عملي في ظله لم يجدوا الفرصة أن ينموا شخصياتهم وإكتفوا في مواجهة الواقع بالأحلام.
هؤلاء يفيدهم جداً أن تقدم لهم البدائل دائماً.. بتدريبهم على الأسلوب الأمثل لمواجهة المواقف والمشاكل التي تؤدي إلى تفاهم المشاعر السيئة التي تدفعهم للتدخين. يناسبهم الأعمال المتدرجة التي يثبتون فيها نجاحات مرحلية تشجعهم على ترك عادة التدخين بسبب التوتر.. كما يحسن توعيتهم بأن الراحة التي ينشدونها لا تأتي من إتلاف أجسادهم وإستعباد إرادتهم وضياع أموالهم..! فإن هذه ستزيد توترهم ولا تخففه!
3- انهم يدخنون كنوع من رد الفعل تجاه البيئة العائلية المتسمة بالعنف.. فيتربون على العدوانية تجاه نفسه وتجاه غيره.. عاداتهم أغلبها سيء.. يسعون لفرض سيطرتهم على الغير بالمقاومة غير الصحيحة ويباهون وسط أقرانهم بأن يفرض نفسه على الغير!!
هؤلاء محتاجون لفريق معالج بعضه يهتم بإدخال المسيح في حياة الأسرة والكنيسة في ممارسات الأسرة وإختبار الحياة التائبة بإستمرار.. وبعضه الآخر لتقديم الحضن الدافئ المعبِّر عن أبوة الله المحتملة لكل ضعفات البشرية، وذلك في حب حقيقي لا ذرة مصلحة شخصية فيه.. حقيقي لا يعرف حدوداً في الوقت والمال والعطاء!
4- إنهم يدخنون لوقوعهم في فخ إعلانات الدعاية التي تتفنن على إنفاقها شركات السجائر. متناسين أن شركات السجائر في الغرب تقترب من الإفلاس المؤكد، وأنها تصدِّر لدول العالم الثالث نشاطها.. ارفض أن تكون أنت أو سيارتك أو حائط بيتك أو مكتبك وسيلة من وسائل بث الدعاية البارعة لإسقاط الغلابة في شراك السجائر القاتلة!
5- إنهم يدخنون تحت ظروف المصروف الكبير مع إنعدام التوجيه الأسري في كيفية إنفاق النقود. ومن الإحصائيات التي تمت أن أكثر من 60% من المدخنين يدخنون بعلم الوالدين. وهناك نسبة كبيرة من المدخنين بدأوا التدخين لوجود أحد أفراد الأسرة يدخن! إن المسئولية الوالدية تجاه الأحداث تقتضي القدرة السلوكية.. والإنسان المسيحي يهتم بأن يرى فيه أفراد أسرته نموذجاً للإنسان الذي يشبعه الله في باطنه كأنه في جنة لا يحتاج معها إلى هذه السلوكيات القاتلة!
الموضوع مفتوح للتحاور