لماذا يجب علينا أن نسعى؟
أولاً: لأنه أمرٌ من الله تعالى، وطاعة أوامره هي خلاصة إسلامنا، ولعل هذه الخلاصة
هي : الاستسلام التام لأوامره ، واجتناب نواهيه سبحانه ؛ ألم يقُل عز وجل { يا أيها
الذين آمنوا قُوا أنفسَكم وأهليكم ناراً وقودُها الناس والحجارة } ؟ ثم ألَم يقل جل
شأنه: : { وَأْمُر أهلَك بالصلاة واصْطَبر عليها ، لا نسألك رزقاً نحن نرزقُك } ( 2)
ثانياً: لأن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أمرنا بهذا أيضاً في حديث واضح
وصريح ؛ يقول فيه ( مُروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر ) (2)
ثالثا: لتبرأ ذمم الآباء أمام الله عز وجل ويخرجون من دائرة الإثم ، فقد قال
الإمام ابن تيمية رحمه الله: "من كان عنده صغير مملوك أو يتيم ، أو ولد ؛ فلم يأمُره
بالصلاة ، فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويُعَــزَّر الكبير على ذلك تعزيراً
بليغا، لأنه عصى اللهَ ورسول " (1)
رابعاً :لأن الصلاة هي الصِّلة بين العبد وربه، وإذا كنا نخاف على أولادنا بعد
مماتنا
من الشرور والأمراض المختلفة ؛ ونسعى لتأمين حياتهم من شتى الجوانب ، فكيف
نأمن عليهم وهم غير موصولين بالله عز وجل ؟! بل كيف تكون راحة قلوبنا
وقُرَّة
عيوننا إذا رأيناهم موصولين به تعالى ، متكلين عليه ، معتزين به؟!(1)
خامساً: وإذا كنا نشفق عليهم من مصائب الدنيا ، فكيف لا نشفق عليهم من نار
جهنم؟!! أم كيف نتركهم ليكونوا-والعياذ بالله- من أهل سَقَر التي لا تُبقي ولا
تَذَر؟!!(1)
سادساً: لأن الصلاة نور ، ولنستمع بقلوبنا قبل آذاننا إلى قول النبي صلى الله
تعالى
عليه وسلم : ( وجُعلت قرة عيني في الصلاة) ، وقوله: ( رأس الأمر الإسلام و
عموده الصلاة ) ، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله (2)
سابعاً:لأن
أولادنا أمانة وهبنا الله تعالى إياها وكم نتمنى جميعا أن يكونوا صالحين ،
وأن يوفقهم الله تعالى في حياتهم دينياً ، ودنيوياً (2)
ثامناً: لأن أولادنا هم الرعية التي استرعانا الله تعالى ، لقوله صلى الله تعالى
عليه وسلم: ( كُلُّكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته ) ولأننا سوف نُسأل عنهم حين نقف بين يدي الله عز وجل(2)
تاسعاً:
لأن الصلاة تُخرج أولادنا إذا شبّْوا وكبروا عن دائرة الكفار و المنافقين
، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن
تركها فقد كفر )(1)
كيف نتحمل مشقة هذا السعي؟
إن هذا
الأمر ليس بالهين، لأنك تتعامل مع نفس بشرية ، وليس مع عجينة -كما يقال-
أو صلصال ؛ والمثل الإنجليزي يقول "إذا استطعت أن تُجبر الفرس على أن يصل
إلى النهر، فلن تستطيع أبداً أن ترغمه على أن يشرب!"
فالأمر فيه مشقة ، ونصب ، وتعب ، بل هو جهاد في الحقيقة.
ولعل فيما يلي ما يعين على تحمل هذه المشقة ، ومواصلة ذلك الجهاد :
أ-كلما بدأ نا مبكِّرين ، كان هذا الأمر أسهل.
ب- يعد الاهتمام جيداً بالطفل الأول استثماراً لما بعد ذلك، لأن إخوته الصغار
يعتبرونه قدوتهم ، وهو أقرب إليهم من الأبوين ، لذا فإنهم يقلدونه تماماً كالببغاء !
ج-احتساب
الأجر والثواب من الله تعالى ، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من دعا إلى
هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص من أجورهم شيئا ( (1)
د-لتكن
نيتنا الرئيسية هي ابتغاء مرضاة الله تعالى حيث قال: { والذين جاهَدُوا
فينا لَنَهْدِينَّهُم سُبُلَنا } ؛ فكلما فترت العزائم عُدنا فاستبشرنا
وابتهجنا لأننا في
خير طريق (1)
هـ-الصبر والمصابرة امتثالاً
لأمر الله تعالى ، { وأْمُر أهلك بالصلاة واصطبرِ عليها، لا نسألُك رزقاً،
نحن نرزقُك } ؛ فلا يكون شغلنا الشاغل هو توفير القوت والرزق ، ولتكن
الأولوية للدعوة إلى الصلاة ، وعبادة الله عز وجل، فهو المدبر للأرزاق
وهو
{ الرزاق ذو القوة المتين} ؛ ولنتذكر أن ابن آدم لا يموت قبل أن يستوفي
أجله ورزقه ، ولتطمئن نفوسنا لأن الرزق يجري وراء ابن آدم - كالموت
تماماً-ولو هرب منه لطارده الرزق ؛ بعكس ما نتصور!!
و-التضرع إلى الله جل وعلا بالدعاء : { ربِّ اجعلني مقيمَ الصلاة ومِن ذُرِّيتي
ربنا
وتقبَّل دُعاء} والاستعانة به عز وجل لأننا لن نبلغ الآمال بمجهودنا
وسعينا ، بل بتوفيقه تعالى ؛ فلنلح في الدعاء ولا نيأس ؛ فقد أمرنا رسول
الله صلى الله تعالى عليه وسلم قائلا: ( ألِظّْوا-أى أَلِحّْوا- بيا ذا
الجلال والإكرام ) والمقصود
هو الإلحاح في الدعاء بهذا الاسم من أسماء
الله الحسنى ؛ وإذا كان الدعاء بأسماء الله الحسنى سريع الإجابة ، فإن
أسرعها في الإجابة يكون- إن شاء الله تعالى- هو هذا الاسم: "ذو الجلال (أي
العظمة) والإكرام ( أي الكرم والعطاء ) ".
ز-عدم اليأس أبداً من رحمة الله ، ولنتذكر أن رحمته وفرجه يأتيان من حيث لا
ندري،
فإذا كان موسى عليه السلام قد استسقى لقومه ، ناظراً إلى السماء الخالية
من السحب ، فإن الله تعالى قد قال له: { اضرِبْ بِعَصاكَ الحَجَر،
فانفجرَت منْهُ اثنتا عشْرةَ عيناً }، وإذا كان زكريا قد أوتي الولد وهو
طاعن في السن وامرأته عاقر، وإذا كان الله تعالى قد أغاث مريم وهي مظلومة
مقهورة لا حول لها ولا قوة ، وجعل لها فرجا ومخرجا من أمرها بمعجزة نطق
عيسى عليه السلام في المهد ، فليكن لديك اليقين بأن الله عز وجل سوف
يأْجُرك على جهادك وأنه بقدرته سوف يرسل لابنك من يكون السبب في هدايته،
أو يوقعه في ظرف أو موقف معين يكون السبب في قربه من الله عز وجل ؛ فما
عليك إلا الاجتهاد، ثم الثقة في الله تعالى وليس في مجهودك(3)