الصلاة عبادة روحية وبدنية يؤديها المسلم طاعة لله سبحانه وامتثالاً
لأوامره وسبباً في رقيه في معارج الإيمان والإحسان بمقدار خضوعه وخشوعه
وحضور قلبه. وليس لأحد أن يقول أنه يصلي لأداء رياضة بدنية، فإن مثل هذه
النية تفسد عبادته. لكن الشارع الحكيم نص على حكم متعددة يمكن أن يجنيها
المصلي إلى جانب تلك الثمرة التعبدية الخالصة، كما أن هناك ثمرات يانعة
واضحة لكل مبصر، سواء كانت فوائد اجتماعية أو صحية، يمكن أن يجنيها المسلم
من صلاته، ويمكن أن تكون مقاصد للمشرع في أصل التشريع _ لا نجزم بذلك _
فالله هو الذي خلق الإنسان وهو أعلم بما يصلح له، لكننا نذكر القارئ هنا
بأن حفظ النفس والعقل هي من مقاصد الشريعة _ كما قرر ذلك علماء العقيدة
وأجمعوا عليه _ ويمكن أن نلحظ هذا المقصد في كل تشريع.
فمن فوائد
الصلاة عقد الصلة بين العبد وربه، بما فيها من لذة المناجاة للخالق وإظهار
العبودية لله وتفويض الأمر له. وهي سبب لتكفير السيئات ومحو الخطايا
عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أرأيتم لو أن
نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا:
لا يبقى من درنه شيء. قال: فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا
" [ رواه البخاري ومسلم ]
و عن أبي هريرة أيضاً أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن
ما لم تُغشَ الكبائر " [ رواه مسلم ].
و المسلم عندما يخشع في
صلاته ويمتن الصلة بخالقه، ويعرف حقيقة وجوده في الحياة الدنيا ومهمته في
هذا الوجود فإنه يبدأ بالإقلاع عن ذنوبه رويداً.. رويداً وينتهي عن سيئات
أعماله.
قال تعالى: { وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } [ سورة العنكبوت: الآية 45 ].
فالصلاة
مدرسة خلقية وعملية انضباطية تربي فضيلة الصدق والأمانة والاستقامة وتجعل
المسلم قوياً، أقوى من عواطفه، غير جزع ولا هياب، شجاعاً مقداماً كريماً.
قال تعالى: { إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسّه الشر جزوعاً وإذا مسّه الخير منوعاً إلا المصلين } [ سورة المعارج: الآيات 19-22 ].